مقدمة القبائل الشمالية
يذكر كتاب الـ Shang "البرابرة الأجانب يؤذون المدنية" والـ Shijing يقول "القبائل الأجنبية عدوانية جداً" وقد آذوا الممالك الوسطى زمناً طويلاً.
منذ زمن الـ Qin و Han، كانت الـ Xiongnu دائماً تجلب الأذى على الحدود، ومع أن الإمبراطور Wu [اسمه Liu Che، حكم من 141ق.م إلى 87ق.م] أدار الشؤون الخارجية على الحدود الأربعة كلها، وأخضع Yue و Chaoxian في الشرق و Ershi و Da Yuan في الغرب، وفتح الطريق إلى Qiongzha و Yelang، إلا أن أنها هذه كلها كانت بعيدة نائية، ولم تكن خطراً على الممالك الوسطى، لكن الـ Xiongnu كانت الأقرب إلى المدن، فإن دنت الخيالة البربرية جنوباً تعرضت الجهات الثلاث الأخرى للخطر، ولذلك أُرسل Wei Qing و Huo Qubing في حملات شمالية بعيدة لمطاردة الـ Chanyu دون كلل والاستيلاء على أراضيهم المزدهرة الواسعة، وبعد ذلك أُجبرت القبائل على التحصن والخضوع وضعفت.
خلال سنوات Jian'an [من 196م إلى 220م]، جاء الـ Chanyu الجنوبي Huchuqan إلى البلاط، وحُبس بأن صار حاضراً داخلياً وأُرسل الملك الشرقي الكفؤ [من ألقاب الـ Xiongnu وهو يتبع الـ Chanyu] ثم لكي يدير إمارة الـ Xiongnu فأصبحت الـ Xiongnu مطيعة أكثر حتى من زمن الـ Han السالفة.
لكن الـ Wuhuan و Xianbei قَوَت تدريجياً وازدهرت، وانشغلت الممالك الوسطى بفوضى نهاية الـ Han ولم تتفرغ لإخضاع الأجانب فاغتصبت [الـ Wuhuan و Xianbei] الأراضي جنوب الصحراء [صحراء جوبي] ونهبت ودمرت المدن والبلدات وقتلت واختطفت الناس وعانت الحدود الشمالية.
عندما احتل Yuan Shao المنطقة شمال النهر الأصفر، استرضى الـ Wuhuan في المقاطعات الثلاث وأكرم ملوكهم المشاهير فجنّد نخبة فرسانهم، ولاحقاً هرب Yuan Shang و Yuan Xi إلى Tadun قائد الـ Wuhuan، وكان Tadun قوي الجيش، وقارنه كل شيوخ الحدود بـ Maodun [الذي تمكن سابقاً من توحيد الـ Xiongnu] واعتمد Tadun على مكانه البعيد فتجرأ على استقبال المنفيين [مثل Yuan Shang و Yuan Xi] وفرض سلطانه على كل القبائل الأجنبية.
شن Cao Cao حملة شمالية سرية وداهمهم وأنهى أمرهم في معركة واحدة، انبهرت القبائل الأجنبية فخضعت، وهزت سلطة Cao Cao الأراضي الشمالية، ولذلك استدعى قوات الـ Wuhuan لكي يتبعوه في حملاته ويطيعوه، ونَعُم أهل الحدود بالسلام والراحة.
لاحقاً عاد Ke Bineng والذي كان من رؤساء الـ Xianbei وتحكم بشتى القبائل الأجنبية واستولى من الجميع على أراضي الـ Xiongnu السابقة، فكانت المناطق من Yunzhong وشرق Wuyuan إلى نهر Liao تحت سيطرة الـ Xianbei، ونهبوا الحدود وغاروا عليها، وعانت أقاليم You و Bing من ذلك، وحوصر Tian Yu في Macheng وهُزم Bi Gui في الشمال، وخلال سنوات Qinglong [من 233م إلى 237م] أجاز الإمبراطور مكيدة Wang Xiong وأرسل قاتلاً ليقتله [يقتل Ke Bineng] وبعد ذلك تفككت القبائل الشمالية واقتتلت وهرب القوي وخضع الضعيف [للبلاط] فهدأت بسبب ذلك الحدود الشمالية وقلّت المشاكل جنوب الصحراء، ومع أن النهب توقف آنذاك، لم يكفِ ذلك لمنع نشوء التمرد.
في الأزمنة الغابرة كان يطلق على الـ Wuhuan و الـ Xianbei لقب "البرابرة الشرقيين" وقد دوّن مؤرخو الـ Han عاداتهم الاجتماعية وتاريخهم ولذلك لن يختص هذا [الفصل] إلا بالتغييرات التي طرأت على البرابرة في الجهات الأربعة [شمال وجنوب وشرق وغرب] منذ نهاية الـ Han وبداية Wei.
كتاب Wei: كان الـ Wuhuan من أجانب الشرق، وفي بداية الـ Han دمّر Maodun [من عام 209ق.م إلى 174ق.م] من الـ Xiongnu دولتهم، واحتمى الباقون منهم في جبل Wuhuan، ومنه حصلوا على اسمهم، ومن عاداتهم إتقان الفروسية والرماية، وهم يتبعون الأنهار والسهول يرعون بهائمهم ولا يبنون مساكن دائمة ويعيشون في خيّم دائرية ويتخذونها ملاجئاً وكلها تقابل الشرق، هم يرمون ويصطادون الطيور والحيوانات ويأكلون اللحوم واللبن المتخمّر ويلبسون صوف الحيوانات ثياباً لهم، هم يحترمون الشباب دون الشيوخ، وطبيعتهم شرسة جامحة، فقد يحمل الغضب الرجل منهم أن يقتل أباه أو أخاه الأكبر، لكن لن يضر الرجل منهم أمه ما فتأ، وذلك لأن الأمهات يكبّرون العشائر، بينما الآباء والإخوة لهم أن يخلقوا قبائل أخرى، ولذلك ليس هناك دافعٌ للثأر لهم، هم دائماً يقدّمون ويختارون أقواهم وأصحّهم ليحكم بينهم في مشاكلهم ويكون رئيساً، ولكل فرع رئيس فرعي، وليس هناك نظام خلافة، مئات الأفرع أو ألف منها يكونون قسماً واحداً، وعندما يُصدر الرئيس أمر استدعاءً أو أمراً، ينقشون ذلك على خشب وتكون كالرسالة، وتتناقلها الأفرع، وليس لهم لغة مكتوبة، ولكن لا يجرؤ أي قسم أو جيش على مخالفة الأوامر، وأسماء عشائرهم وعوائلهم ليست دائمة، يتخذون اسم الرئيس اسم عائلتهم إن كان قوياً، وكلهم، من الرئيس ومن دونه، لهم بهائم وممتلكات يديرونها ولا يوظّف أحدهم الآخر عنده.
في الزواجات لديهم اتصالات سرية، ويخططون لطلب الفتاة، وبعد نصف سنة أو مئة يوم يرسلون الجياد والثيران والماعز فتكون هدايا زواج، ويتبع الأزواج زوجاتهم، وينحنون لأهلها سواء كبار أم صغار، ويكونون خدماً لدى عائلة الزوجة سنتين، ثم تودع عائلة الزوجة ابنتهم مع الكثير من الممتلكات ويعطونها بيتاً لكي تبدأ العائلة الجديدة، وبهذا تكون كل القرارات بيد المرأة إلى حين قيام الحرب فيقرر فيها الرجال.
الآباء والأبناء والرجال والنساء يجلسون على الأرض متقابلين، ويحلق كلهم رأسه من أجل الخفة والمرونة، فإن جاء وقت الزواج أطالت المرأة شعرها وربطته إظهاراً لقرارها، وزيّنته بالذهب واليشم، تماماً مثل الزينة المعلقة على القبعات في الدول الداخلية [الأقاليم الداخلية في الصين]، وعندما يموت الأب أو الأخ الأكبر، يرث الابن زوجة أبيه، والأخ زوجة أخيه، وإن لم يكن هناك اخت للزوج، يصبح الأبناء أبناء أحد أعمام الزوجة الثانية، فإن مات عادوا إلى مكانهم السابق.
ينتبهون للحيوانات والطيور الحبلى أو التي تدر الحليب لكي يقسمّون الزمن أربع فصول، أما في حرث الأرض وزراعتها، فهم يستخدمون نداء طائر الـ Bogu لتحديد الزمن، أرضهم مناسبة لزراعة الدخن الأخضر والـ qiang الشرقي، ويشبه الـ qiang الشرقي نبتة البابونج وبذورها مثل تبّاع الشمس، وهي تنضج في الشهر العاشر، ويعرفون صناعة الخمر الأبيض لكن لا يعرفون صناعة القمح المتخمّر ويعتمدون على الدول الداخلية للحصول على الأرز.
الرجال يصنعون الأقواس والسهام والسُروج والزمام، ويمكنهم صناعة الأسلحة من الحديد والمعادن، ويعرفون حياكة الجلد الناعم وتطريزه، وصناعة السجاد، وعند المرض يتداوون بالكي، وقد يستخدمون الأحجار الساخنة على أنفسهم أو يستلقون على الأرض الساخنة، وأحياناً يتبعون مصدر المرض ويقطعون جروحاً بالسكين لدر الدم، ويصلون لأرواح السماء والأرض والجبال والأنهار، ولا يستعملون الإبر العلاجية.
وإن مات جندي شريف، أعدّوا له تابوتاً وبكوا عليه فور موته، ثم غنّوا ورقصوا توديعاً له عند دفنه، وكانوا يسمّنون كلباً ويربطونه ثم يحرقونه مع خيل المتوفى وثيابه وأغراضه، وهناك نوع مميز من الكلاب يستعمل لحماية الأرواح في طريق عودتها إلى الجبل الأحمر، الجبل الأحمر يبعد آلاف الكيلومترات شمال غرب Liaodong، وهذا يشابه اعتقاد الناس في الدول الداخلية إن الأرواح تعود إلى جبل Tai.
وفي يوم الدفن يجتمع الأهل والأصدقاء القدامى ليلاً ويجلسون ويقودون الكلب والخيل إلى المكان المناسب ويغني البعض ويبكون ويرمون اللحم لهم، ويتلو شخصان الترانيم لاستدعاء روح المتوفى وإخراجها لحمايتها أثناء عبورها العوائق في طريقها إلى الجبل الأحمر، ثم يقتلون الكلب والخيل ويحرقون الثياب.
هم يبجلون الأشباح والأرواح، ويقدمون القرابين إلى السماء والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والأنهار، وأيضاً أقوى وأشهر رؤسائهم مِن مَن سلف، ويضحّون بالثيران والتيوس ويحرقونها أثناء التضحية، وقبل الأكل والشرب وجبت عليهم القرابين.
يُقتل من يعصي الرئيس حسب قانونهم، ولا يُقتل اللصوص، وتؤمر الأقسام بتعويض بعضها بعضاً إن اقتتلت، وإن لم تكفِ التعويضات ذهبوا إلى الرئيس للنظر بينهم، فإن أعطى المذنب الثيران والماعز تعويضاً عن الأموات، حُلَّ الأمر، وقَتلُ الرجلِ أباه أو أخاه الأكبر ليس جريمة، وإن هرب متمرد وقبض عليه الرئيس، لن يقبله أي من الأقسام وسيُنفى إلى البر.
ليس في أرضهم جبال، لكن صحارٍ وأنهارٍ وأعشاب وأشجار، وكثير من الحشرات والقوارض، وهي جنوب غرب شعوب الـ Dingling وشمال شرق الـ Wusun، وهي قاحلة فقيرة، ومنذ أن هزمهم الـ Xiongnu بات ناسهم معزولين وضعفاء وأصبحوا تابعين للـ Xiongnu وأرسلوا كل سنة الثيران والخيول والماعز، وإن تأخروا في ذلك أُخذت نساؤهم وأطفالهم، وفي زمن ملك Yiyandi الـ Xiongnu [عام 78ق.م]، استعادت الـ Wuhuan قوتها وشوّهت مدافن ملوك الـ Xiongnyu ثأراً لهزيمتهم المذلة أمام Maodun، فاشتط غضب ملك Yiyandi وأرسل عشرين ألف خيالة لمهاجمة الـ Wuhuan وسمع الجنرال الرئيسي Huo Guang بهذا وأرسل Fan Mingyou الجنرال عابر الـ Liao على رأس ثلاثين ألف خيالة ليخرج من Liaodong ويهاجم الـ Xiongnu، ولكن الـ Xiongnu كانوا قد غادروا قبل وصول جنود Mingyou، ولاقى الـ Wuhuan حديثي التجنيد جيش الـ Xiongnu، واستغل الـ Xiongnu ضعفهم وهاجموا وقتلوا أكثر من ست آلاف وأخذروا رؤوس ثلاثة من ملوكهم وعادوا، وبعدها نهبوا الحدود مراراً وهاجمهم Mingyou فوراً وهزمهم.
وفي نهاية فترة Wang Mang [من عام 9م إلى 23م] انضم الـ Wuhuan إلى الـ Xiongnu في النهب، وعندما أخضع الامبراطور Guangwu البلاد كلها أرسل الجنرال غالب الموجات Ma Yuan على رأس ثلاثة آلاف خيالة ليخرج من Wuyuan خلال الممرات ويهاجمهم، لم ينجح لكنه قتل أكثر من ألف خيل، وكانت الـ Wuhuan مزدهرة وهاجمت الـ Xiongnu وانتقلت الـ Xiongnu خمسمئة كيلومتراً وباتت الأرض جنوب الصحراء فارغة.
في عام 49م قاد Haoqie رئيس الـ Wuhuan وآخرون تسعة آلاف شخص وزاروا البلاط وحصل قادته الذين بلغ عددهم ثمانين رجل على ألقاب ماركيز وملوك وأُرسلوا لكي يتحصنون في الممرات على الحدود وأُبلغت مقاطعات ولاية Liaodong و Liaoxi و Youbeiping و Yuyang و Guangyang و Shanggu و Daijun و Yanmen و Taiyuan و Shuofang بذلك لكي يستدعونهم ويعطونهم الثياب والطعام، ويستعملون عقيداً يشرف عليهم ويحميهم، ويستعملونهم كشافةً للـ Han وحرساً لمهاجمة الـ Xiongnu والـ Xianbei.
في فترة Yongping [من أعوام 57م إلى 75م] تمرد Qin Zhiben رئيس الـ Wuhuan في Yuyang وعادت الـ Xianbei للنهب والأذى، فقتله Zhai Rongmu مدير Liaodong وشتت جيشه.
في فترة الامبراطور An [من 106م إلى 125م] قاد الـ Wuhuan من Yuyang و Youbeiping و Yanmen جيوشهم وكل ملوكهم ذوي المناصب عادوا وانضموا إلى الـ Xianbei والـ Xiongnu في مهاجمة Daijun و Shanggu و Zhuojun و Wuyuan، ولذلك حصل وزير الزراعة He Xi على رتبة جنرال الخيالة والعربات بالتكليف وقاد خمس معسكرات من جنود غابة الريش وخرج وانضم إلى معسكر Liyang في المقاطعات الحدودية السبع وهاجمهم مع عشرين ألف رجل، استسلم الـ Xiongnu وعاد الـ Xianbei و Wuhuan إلى ما بعد ممرات الحدود، وبعد ذلك عادت الـ Wuhuan إلى العلاقات القريبة تدريجياً وحصل رئيسهم Rong Mohui على رتبة قائد، وفي فترة الامبراطور Shun [من 125م إلى 144م] قاد Rong Mohui ضباطه ونبلاؤه Duogui و Quyan وآخرين وتبعوا Gengye عقيد الـ Wuhuan وخرجوا من الممرات الحدودية وهاجموا الـ Xianbei وكان لهم انجازات وعادوا كلهم حصلوا على ألقاب ملوك بقيادة الجيش ونالوا الحرير.
Comments